سورة البقرة - تفسير تفسير الواحدي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (البقرة)


        


{فاقعٌ لونها} أَيْ: شديد الصُّفرة {تسرُّ الناظرين} تعجبهم بحسنها.
{قالوا ادع لنا ربك يبين لنا ما هي} أَسائمةٌ أم عاملةٌ؟ {إنَّ البقر} جنس البقر {تشابه} اشتبه وأشكل {علينا وإنَّا إنْ شاء الله لمهتدون} إلى وصفها. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: وايمُ اللَّهِ، لو لم يستثنوا لما بُيِّنت لهم آخر الأبد.
{قال إنَّه يقول إنها بقرةٌ لا ذلولٌ} مُذلَّلةٌ بالعمل {تثير الأرض} تُقلبها للزراعة، أَيْ: ليستْ تقلِّب؛ لأنَّها ليست ذلولاً {ولا تسقي الحرث} الأرض المهيَّأة للزِّراعة {مسلَّمة} من العيوب وآثار العمل {لاشية فيها} لا لون فيها يُفارق سائر لونها {قالوا الآن جئت بالحقّ} بالوصف التّام الذي تتميَّز به من أجناسها، فطلبوها فوجدوها {فذبحوها وما كادوا يفعلون} لغلاء ثمنها.
{وإذ قتلتم نفساً} هذا أوَّل القصَّة، ولكنَّه مؤخرَّ في الكلام {فادَّارأتم} فاختلفتم وتدافعتم {والله مخرجٌ} مُظهرٌ {ما كنتم تكتمون} من أمر القتيل.
{فقلنا اضربوه ببعضها} بلسانها فيحيى، فَضرب فحييَ {كذلك يُحْيِ الله الموتى} أَيْ: كما أحيا هذا القتيل {ويريكم آياته} آيات قدرته في خلق الحياة في الأموات، كما خلق في عاميل.


{ثم قست قلوبكم} يا معشر اليهود، أَي: اشتدَّت وصلبت {من بعد ذلك} من بعد هذه الآيات التي تقدَّمت من المسخ ورفع الجبل فوقهم، وانبجاس الماء من الحجرِ، وإحياء الميت بضرب عضوٍ، وهذه الآيات ممَّا يصدِّقون بها {فهي كالحجارة} في القسوة وعدم المنفعة؛ بل {أشد قسوة} وإنَّما عنى بهذه القسوة تركهم الإِيمان بمحمَّدٍ صلى الله عليه وسلم بعد ما عرفوا صدقه، وقدرةَ الله تعالى على عقابهم بتكذيبهم إيَّاه، ثمَّ عذر الحجارة وفضَّلها على قلوبهم فقال: {وإنَّ من الحجارة لما يتفجر منه الأنهار وإنَّ منها لما يشقَّق فيخرج منه الماء وإنَّ منها لما يهبط} ينزل من علوٍ إلى أسفلٍ {من خشية الله}. قال مجاهدٌ: كلُّ حجرٍ تفجَّر منه الماء، أو تشقَّق عن ماء، أو تردَّى من رأس جبلٍ فهو من خشية الله تعالى، نزل به القرآن. ثمَّ أوعدهم فقال: {وما الله بغافلٍ عمَّا تعملون} ثمَّ خاطب النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم والمؤمنين، فقطع طمعهم عن إيمانهم، فقال: {أفتطمعون أن يؤمنوا لكم} وحالهم أنَّ طائفةً منهم كانوا {يسمعون كلام الله} يعني التَّوراة {ثم يحرفونه} يُغيِّرونه عن وجهه. يعني: الذين غيَّروا أحكام التَّوراة، وغيَّروا آية الرَّجم، وصفة محمَّدٍ صلى الله عليه وسلم {من بعد ما عقلوه} أَيْ: لم يفعلوا ذلك عن نسيانٍ وخطأٍ، بل فعلوه عن تعمُّدٍ {وهم يعلمون} أنَّ ذلك مَكْسَبةٌ للأوزار.
{وإذا لقوا الذين آمنوا} يعني: منافقي اليهود {قالوا آمنا} بمحمَّدٍ، وهو نبيٌّ صادقٌ نجده في كتبنا {وإذا خلا بعضهم إلى بعض} يعني: إذا رجع هؤلاء المنافقون إلى رؤسائهم لاموهم فقالوا: {أتحدثونهم} أتخبرون أصحاب محمَّدٍ- صلى الله عليه وسلم- {بما فتح الله عليكم} من صفة النَّبيِّ المُبشَّر به {ليحاجُّوكم} ليجادلوكم ويخاصموكم {به} بما قلتم لهم {عند ربكم} في الآخرة، يقولون: كفرتم به بعد أن وقفتم على صدقة {أفلا تعقلون} أفليس لكم ذهن الإنسانيَّة؟ فقال الله تعالى: {أولا يعلمون أنَّ الله يعلم ما يسرون} من التَّكذيب، يعني: هؤلاء المنافقين {وما يعلنون} من التَّصديق.
{ومنهم} ومن اليهود {أميُّون} لا يكتبون ولا يقرؤون {لا يعلمون الكتاب إلاَّ أمانيّ} إلاَّ أكاذيب وأحاديثَ مُفتعلةً يسمعونها من كبرائهم {وإن هم إلاَّ يظنون} أَيْ: إلاَّ ظانِّين ظنَّاً وتوهُّماً، فيجحدون نُبُوَّتَكَ بالظَّنِّ.
{فويلٌ} فشدَّةُ عذابٍ {للذين يكتبون الكتاب بأيديهم} أَيْ: من قِبَلِ أنفسهم من غير أن يكون قد أُنزل {ثم يقولون هذا من عند الله} الآية. يعني اليهود، عمدوا إلى صفة محمَّدٍ صلى الله عليه وسلم وكتبوا صفته على غير ما كانت في التَّوراة، وأخذوا عليه الأموال فذلك قوله تعالى: {وويلٌ لهم ممَّا يكسبون} من حُطَام الدُّنيا فلمَّا أوعدهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بالنَّار عند تكذيبهم إيَّاه.


قالوا: {لن تمسنا النَّارُ إلاَّ أياماً معدودةً} قليلةً، ويعنون الأيَّام التي عبد آباؤهم فيها العجل، فكذَّبهم الله سبحانه فقال: قل لهم يا محمَّدُ: {أَتَّخَذْتُمْ عند الله عهداً} أخذتم بما تقولون من الله ميثاقاً؟ {فلن يخلف الله عهده} والله لا ينقض ميثاقه {أم تقولون على الله} الباطلَ جهلاً منكم، ثمَّ ردَّ على اليهود قولهم: لن تمسَّنا النَّار، فقال: {بلى} أُعذِّب.
{مَنْ كسب سيئة} وهي الشِّرك {وأحاطت به خطيئته}: سدَّت عليه مسالك النَّجاة، وهو أّنْ يموت على الشِّرك {فأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون} الذين يُخلَّدون في النَّار. ثمَّ أخبر عن أخذ الميثاق عليهم بتبيين نعت محمَّدٍ صلى الله عليه وسلم فقال: {وإذ أخذنا ميثاق بني إسرائيل} أَيْ: في التَّوراة {لا تعبدون} أَيْ: بأن لا تعبدوا {إلاَّ الله وبالوالدين إحساناً} أَيْ: ووصَّيناهم بالوالدين إحساناً {وذي القربى} أَي: القرابة في الرَّحم {واليتامى} يعني: الذين مات أبوهم قبل البلوغ {وقولوا للناس حسناً} أَيْ: صدقاً وحقَّاً في شأن محمَّدٍ عليه السَّلام، وهو خطابٌ لليهود، {ثم توليتم} أعرضتم عن العهد والميثاق، يعني: أوائلهم {إلاَّ قليلاً منكم} يعني: مَنْ كان ثابتاً على دينه، ثمَّ آمن بمحمَّدٍ صلى الله عليه وسلم {وأنتم معرضون} عمَّا عُهد إليكم كأوائلكم.

3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10